السلام عليكم أيها الأعزاء، أعود إليكم بعد غياب طويل بقصة كتبتها لكم لأدعوكم لنفض غبار اللامبالاة عنا لكي نتحرك ونساعد أخواننا ولو بدرهم، غفر الله لنا ولكم
مازال المسير طويل........
هذا ما جال بفكر فاطمة الفتاة التي تبلغ عشر سنوات وهي تحمل أخيها أحمد ذا التسعة أشهر وتجر وراءها أخيها حسن الذي يبلغ ست سنوات..........
فاطمة، إني جائع وتعب لما لا نستريح قليلا
نظرت فاطمة إلى حسن وأجابته وهي تعقد حاجبيها بحزم طفولي دون أن تلتفت إليه: كلا، لقد وعدت أمي أن نصل إلى المعسكر دون توقف.
ثم أكملت فاطمة: اصبر قليلا لقد اقتربنا، وعندما نصل فسوف ننام في فرش وثيرة، وسوف نأكل الطعام الشهي ونشرب العصائر اللذيذة، ألا تريد كل هذا ؟
رد عليها حسن في انكسار: ولكني تعب يا فاطمة والحر شديد، فلما لا نستريح ثم نكمل طريقنا بعد أن يبرد الجو قليلا ؟
لم تجاوبه فاطمة فهي لا تعرف لماذا أصرت أمها أن يذهبوا وحدهم ليقصدوا معسكرا للاجئين، فأمها مريضة وقد اشتد بها المرض مؤخرا فلماذا لم ينتظروا حتى تشفى الأم ومن ثم يذهبون جميعا إلى المعسكر ؟ ولماذا لم يكن بالإمكان الانتظار حتى يخف الحر ؟ وكيف ستلحقهم أمهم وهي بتلك الحالة ؟ وكيف ستجدهم هناك ؟ ولماذا .........
أسئلة كثيرة جالت بفكرها ولم تجد إجابة لأي منها، كل ما تعرفه أن أمها طلبت منها اصطحاب أخويها إلى المعسكر والانتظار هناك حتى تلتحق به الأم، ويجب ألا يتوقفوا لأي سبب، وألا يثقوا بأي غريب.....
فاطمة، ألا تسمعيني لنتوقف قليلا.
لا، هكذا أجابته باقتضاب وحزم، ثم شدت قبضتها النحيلة على يد أخيها وكأنها تنقل إليه حزمها وعزمها على إكمال المسير، وعدم التوقف حتى يصلوا لهدفهم الذي لم يلح في الأفق بعد، ولكن أمها قالت لها أن المعسكر موجود على جانب هذا الطريق، لذا فما عليها سوى الاستمرار بالسير وسوف تصل فأمها لا تخطئ أبدا.
نظرت فاطمة إلى أحمد الذي توقف منذ فترة عن البكاء، فقط اسند رأسه إلى صدرها النحيل في ضعف وسكن خائر القوى لم يتبقى فيه من حيوية الأطفال ونشاطهم المتدفق شيئا، واكتفى برفع رأسه كل حين وكأنه يرى سراب أمه الحنون، ثم يعود إلى وضعيته الأولى.
مرة ساعة.........
وفاطمة وأخويها مازالوا في طريقهم متجهون، ولكن دب التعب والوهن في أقدامهم النحيلة، أو ربما هو الشك، أو ربما الاثنان معا.
توقف حسن فلم يعد بإمكان قدميه النحيلتين أن تحملانه، نظرت إليه فاطمة في حدة وأرادت أن تصرخ فيه ليتحرك، ولكنها رأت عينيه الدامعتين التعبتين، فلم تستطع، ونظرت حولها فلم ترى ظلا يستريحون فيه، كل ما هناك بقايا شجرة فسحبت أخيها إليها وخلعت حجابها وعلقتها على فروعها ليكون ما يشبه المظلة وجلت هي وأخيها في ظلها.
لنستريح هنا قليلا.
قالتها فاطمة في عطف ثم ضمت حسن إليها وكأنها تود أن تنقل إليه بعضا من طاقتها، ثم نظرت إلى أحمد فوجدته مغمض العينين ساكنا، ليس فيه من علامات الحياة غير نفس ضعيف، وأسندت فاطمة رأسها إلى الجذع الميت، ونادت من أعماقها بحرارة يا رب يا رب يا رب ثم غرقت في النوم.
حل الليل وعمر مازال يمشي باتجاه المعسكر ليجد هناك لقيمات وجرعات تحفظ حياته، لقد اقترب كثيرا وما عليه إلا أن يجتاز هذا التل الصغيرة وسيجد المعسكر خلفها، أخيرا سيأكل ويشرب، وسيرتاح من عناء المسير.
اقترب عمر من قمة التل ورأى تلك الشجرة الميتة، وعندها رأى الأطفال الثلاثة.
اقترب منهم، نادى عليهم، ولكن بلا مجيب، فيبدو أنهم غارقين في نوم ثقيل، أو أنهم قد....
اقترب منهم أكثر وهز كتف فاطمة، ثم هز أحمد وحسن، ولكن بلا فائدة...
فلا يوجد نفس، لقد فارقوا الحياة.
لقد فارقوا الحياة بعد أن اقتربوا كثيرا من المعسكر.
كانوا على بعد دقائق معدودة.
بهت عمر، وجلس بجانب الجثث النحيلة باكيا، ليس لأنه يعرفهم ولكن لأنه إنسان، ولأنه يعلم بأن هناك الآلف غيرهم من انتهى بهم المطاف ليلقوا نفس النهاية.
رحمتك يا رب، رحمتك يا رب، أين المسلمون ؟ أين المسلمون ؟ أين المسلمون؟
صرخ بها عمر وهو لا يدري.
لا يدري أن المسلمون مشغولون بمسلسلات رمضان.
لا يدري أن المسلمون قد أنفقوا أموالهم على الأطباء لا لشيء إلا لعلاج أمراض السمنة والإفراط في التغذية.
لا يدري أن روحنا قد ماتت حتى أضحت الشجرة الميتة احن منا على الأطفال الثلاثة، فقد أعطتهم الظل، وما أعطيناهم إلا التجاهل والنسيان.
هذا ما جال بفكر فاطمة الفتاة التي تبلغ عشر سنوات وهي تحمل أخيها أحمد ذا التسعة أشهر وتجر وراءها أخيها حسن الذي يبلغ ست سنوات..........
فاطمة، إني جائع وتعب لما لا نستريح قليلا
نظرت فاطمة إلى حسن وأجابته وهي تعقد حاجبيها بحزم طفولي دون أن تلتفت إليه: كلا، لقد وعدت أمي أن نصل إلى المعسكر دون توقف.
ثم أكملت فاطمة: اصبر قليلا لقد اقتربنا، وعندما نصل فسوف ننام في فرش وثيرة، وسوف نأكل الطعام الشهي ونشرب العصائر اللذيذة، ألا تريد كل هذا ؟
رد عليها حسن في انكسار: ولكني تعب يا فاطمة والحر شديد، فلما لا نستريح ثم نكمل طريقنا بعد أن يبرد الجو قليلا ؟
لم تجاوبه فاطمة فهي لا تعرف لماذا أصرت أمها أن يذهبوا وحدهم ليقصدوا معسكرا للاجئين، فأمها مريضة وقد اشتد بها المرض مؤخرا فلماذا لم ينتظروا حتى تشفى الأم ومن ثم يذهبون جميعا إلى المعسكر ؟ ولماذا لم يكن بالإمكان الانتظار حتى يخف الحر ؟ وكيف ستلحقهم أمهم وهي بتلك الحالة ؟ وكيف ستجدهم هناك ؟ ولماذا .........
أسئلة كثيرة جالت بفكرها ولم تجد إجابة لأي منها، كل ما تعرفه أن أمها طلبت منها اصطحاب أخويها إلى المعسكر والانتظار هناك حتى تلتحق به الأم، ويجب ألا يتوقفوا لأي سبب، وألا يثقوا بأي غريب.....
فاطمة، ألا تسمعيني لنتوقف قليلا.
لا، هكذا أجابته باقتضاب وحزم، ثم شدت قبضتها النحيلة على يد أخيها وكأنها تنقل إليه حزمها وعزمها على إكمال المسير، وعدم التوقف حتى يصلوا لهدفهم الذي لم يلح في الأفق بعد، ولكن أمها قالت لها أن المعسكر موجود على جانب هذا الطريق، لذا فما عليها سوى الاستمرار بالسير وسوف تصل فأمها لا تخطئ أبدا.
نظرت فاطمة إلى أحمد الذي توقف منذ فترة عن البكاء، فقط اسند رأسه إلى صدرها النحيل في ضعف وسكن خائر القوى لم يتبقى فيه من حيوية الأطفال ونشاطهم المتدفق شيئا، واكتفى برفع رأسه كل حين وكأنه يرى سراب أمه الحنون، ثم يعود إلى وضعيته الأولى.
مرة ساعة.........
وفاطمة وأخويها مازالوا في طريقهم متجهون، ولكن دب التعب والوهن في أقدامهم النحيلة، أو ربما هو الشك، أو ربما الاثنان معا.
توقف حسن فلم يعد بإمكان قدميه النحيلتين أن تحملانه، نظرت إليه فاطمة في حدة وأرادت أن تصرخ فيه ليتحرك، ولكنها رأت عينيه الدامعتين التعبتين، فلم تستطع، ونظرت حولها فلم ترى ظلا يستريحون فيه، كل ما هناك بقايا شجرة فسحبت أخيها إليها وخلعت حجابها وعلقتها على فروعها ليكون ما يشبه المظلة وجلت هي وأخيها في ظلها.
لنستريح هنا قليلا.
قالتها فاطمة في عطف ثم ضمت حسن إليها وكأنها تود أن تنقل إليه بعضا من طاقتها، ثم نظرت إلى أحمد فوجدته مغمض العينين ساكنا، ليس فيه من علامات الحياة غير نفس ضعيف، وأسندت فاطمة رأسها إلى الجذع الميت، ونادت من أعماقها بحرارة يا رب يا رب يا رب ثم غرقت في النوم.
حل الليل وعمر مازال يمشي باتجاه المعسكر ليجد هناك لقيمات وجرعات تحفظ حياته، لقد اقترب كثيرا وما عليه إلا أن يجتاز هذا التل الصغيرة وسيجد المعسكر خلفها، أخيرا سيأكل ويشرب، وسيرتاح من عناء المسير.
اقترب عمر من قمة التل ورأى تلك الشجرة الميتة، وعندها رأى الأطفال الثلاثة.
اقترب منهم، نادى عليهم، ولكن بلا مجيب، فيبدو أنهم غارقين في نوم ثقيل، أو أنهم قد....
اقترب منهم أكثر وهز كتف فاطمة، ثم هز أحمد وحسن، ولكن بلا فائدة...
فلا يوجد نفس، لقد فارقوا الحياة.
لقد فارقوا الحياة بعد أن اقتربوا كثيرا من المعسكر.
كانوا على بعد دقائق معدودة.
بهت عمر، وجلس بجانب الجثث النحيلة باكيا، ليس لأنه يعرفهم ولكن لأنه إنسان، ولأنه يعلم بأن هناك الآلف غيرهم من انتهى بهم المطاف ليلقوا نفس النهاية.
رحمتك يا رب، رحمتك يا رب، أين المسلمون ؟ أين المسلمون ؟ أين المسلمون؟
صرخ بها عمر وهو لا يدري.
لا يدري أن المسلمون مشغولون بمسلسلات رمضان.
لا يدري أن المسلمون قد أنفقوا أموالهم على الأطباء لا لشيء إلا لعلاج أمراض السمنة والإفراط في التغذية.
لا يدري أن روحنا قد ماتت حتى أضحت الشجرة الميتة احن منا على الأطفال الثلاثة، فقد أعطتهم الظل، وما أعطيناهم إلا التجاهل والنسيان.