أولا اسمحوا لي أن أبين أنه مهما اشتريت من نجوم أو لاعبين سوبر فهذا لا يضمن لك النتائج الإيجابية بل لن يضمن لك السيادة التكتيكية في المباراة ولن يستطيع الفريق عن طريق الاعتماد على الأسماء الرنانة وحدها تقديم مستوى ثابت في مبارياته وتراه ينهار سريعا أمام الفرق المنظمة حتى وإن كانت أقل منه فيما يخص النجوم والمهارات – يمكننا أن نلاحظ هذا بصورة واضحة في مباريات المنتخب الألماني المنظم خلال كؤوس العالم الثلاثة الأخيرة، كما يمكننا أن نرى عدم فعالية تكديس النجوم من دون النجاعة التكتيكية في ريال مدريد خلال الموسم الماضي – وهناك خطط كثيرة لتوزيع اللاعبين في الملعب إلا أن هذه الخطط لا تعني أن كل من يلعب بنفس الخطة سيتبع نفس التكتيك في نقل الكرة بل اعتقد أن خطة توزيع اللاعبين ما هي إلا وسيلة لتطبيق الفكر التكتيكي للمدرب فكلنا رأينا هولندا في كأس العالم تلعب بأكثر من مهاجم إلا أن أدائها كان ميالا إلى التنظيم والحذر الدفاعي في منتصف الملعب، وفي نفس الوقت فإن روما خلال المواسم الماضية كان يلعب في كثير من الأحيان بدون رأس حربة صريح إلا أن هذا لم يمنعه من تقديم أسلوب هجومي استطاع عن طريقه أن يكون المنافس الأقرب إلى الانتر على الرغم من الفارق الشديد بين الفريقين من حيث الأسماء المتواجدة فيهما.
إذا بعد ان أسهبت في الكلام، كيف يمكننا أن نحدد التكتيك المناسب للفريق، وبعد تحديده فما هي الوسائل التي تمكن الفريق من تطبيق التكتيك المختار.
هناك نوعين من الفرق، نوع يعتمد تكتيك ثابت لأداء مبارياته ويمكننا أن نلاحظ هذا النوع في معظم المنتخبات الكبيرة التي يتسم أداءها بسمات معينة يفتخر بها المشجعين، كما يمكننا أن نتعرف على هذا النوع في مجموعة محدودة من أندية النخبة، مثل برشلونة ومانشستر يونايتد وآرسنال وبايرن ميونخ وأياكس أمستردام.
وفي هذا النوع فإن الفريق يعتمد في الأساس على لاعبيه الشباب أو استقدام لاعبي صغار السن ليتم دمغهم بأسلوب النادي في نقل الكرة والانتشار في الملعب وإعداد اللاعبين بدنيا وفنيا وذهنيا لأداء المهام المطلوبة منهم في أرض الملعب.
أما النوع الآخر فهو النوع الذي يعتمد تكتيك المدرب وتوجهاته التدريبية ونوعية اللاعبين المتوفرة في النادي أو حتى توجيهات إدارية معينة كما يحدث في ريال مدريد.
بالتأكيد فإن من الأفضل لجميع النوادي أن تنتهج منهج النوع الأول وذلك لأنه يضمن لها خفض التكاليف لبناء الفريق – تخيلوا المبالغ التي كان على برشلونة دفعها لشراء لاعبي النادي الحاليين – كما يضمن هذا الأسلوب الثبات في الأداء والنتائج.
إلا أن هذا الأسلوب يحتاج إلى فترة زمنية طويلة وقدرة مالية للاحتفاظ بالنجوم الواعدين في الفريق، كما أن إنشاء مدرسة كروية فعالة يحتاج إلى كثير من المنصرفات المالية وأطقم الكشافين، مما يعني أن كثيرا من الفرق لا يمكنها انتهاج هذا الأسلوب سواء كان بسبب العائق المالي أو بسبب عدم القدرة على الانتظار لتكوين مواهب شابة للفريق.
نعود إلى اليوفي، فاليوفي كان قبل كارثة الكالتشيو بولي يعتمد أسلوب يدمج بين النوعين الاثنين، فاليوفي كان يستقدم المواهب الشابة والواعدة من خارج مدرسة الكرة ثم يذيب هذه المجموعة المختلفة الأعراق والثقافات في بوتقة تحمل ملامح عامة للفريق منها تميز لاعبي الفريق دائما بالقدرات التكتيكية العالية والصلابة الدفاعية واللياقة البدنية والذهنية المتميزة، وفي نفس الوقت فقد نوع من تكتيكاته فكان يعتمد لفترة على الأطراف لنقل الكرة لعدة مواسم ثم نراه لمواسم أخرى يعتمد على صانع اللعب في خلق الفرص وصناعة الأهداف، وقد كفل له هذا الأسلوب ثبات الأداء ومواكبة التطور التكتيكي والخططي.
إلا أنه وبعد الكالتشيو بولي فقد انهار نظام الفريق وحاول الفريق الاعتماد على شبابه ولكنه لم يستطع فناشأي النادي وشبابه لم يكن يتم تأهيلهم للعب الأدوار الأولى في الفريق ومن ثم ظهر لنا الفريق كمولود مشوه حاول في البداية المقاومة واللعب باسمه وتاريخه ولكنه ما لبث أن انهار في الموسم الماضي.
والآن كيف نحل مشكلة اليوفي
هناك طريقتان:-
الطريقة الأولى يتم فيها العودة إلى أسلوب النادي قبل الكالتشيو بولي من استقدام للمواهب الشابة وخطفها قبل أن تتناحر الفرق الأخرى عليها وهذا الأسلوب يحتاج إلى كثير من العمل في مجال شبكات المستكشفين وتنمية العلاقات مع الأندية الأخرى إلى حد قد يصل إلى السيطرة على سوق الانتقالات كما كان الحال مع الإدارة القديمة وهو أسلوب يحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة كما أنه أصبح من الصعب للغاية على إداري الفريق أن يقوموا ببناء علاقات قوية في سوق الانتقالات فشبح الكالتشيو بولي مازال يخيم على أجواء الكرة الايطالية وخصوصا كل ما تعلق باليوفي وهو ما سيتطلب الكثير من الوقت والجهد.
الطريقة الثانية يتم فيها تغيير نمط وأسلوب الفريق ليكون ثابت التكتيك يعتمد في الأساس على مدارس الكرة الخاصة بالنادي وهو ما يحتاج إلى كثير من الوقت أو ربما يكون كريال مدريد يتغير تكتيكه وأسلوبه وفق المدرب واللاعبين ويتم فيه شراء اللاعبين النجوم من الخارج وهو ما سيكلف النادي عشرات وعشرات الملاين .
والآن ما الذي فعله اليوفي وأي أسلوب انتهجه بالفعل منذ أن استلمت الإدارة الجديدة القيادة ؟
اعتقد أن الإدارة الجديدة تحاول العودة إلى تقاليد وأسلوب اليوفي قبل الكالتشيو بولي مع بعض التعديل في جانب تفعيل دور المدارس الكروية بشكل أكبر من قبل في تزويد الفريق بالمواهب اللازمة لتعمل جنبا إلى جنب مع المواهب التي يتم استقدامها إلى الفريق ربما كان المنطلق وراء هذا الأمر هو شح الموارد المالية حاليا، أو ربما هو خيار استراتيجي لضمان مستقبل أكثر استقرارا وليس بالضرورة أكثر تميزا، المهم هو أن اليوفي اختار الخيار الأقل تكلفة والأكثر احتياجا للعمل والخبرة فهل تتوفر هذه العوامل لدى اليوفي وإدارته الجديدة، هذا ما سوف نكتشفه خلال هذا الموسم ربما ليس من أول مباراة فالفريق يحتاج إلى شهر على الأقل لتظهر ثمرات السياسة والاستقدامات الجديدتين، ولكن بالتأكيد في أكتوبر القادم سنعرف هل عاد اليوفي أم مازال ينتظرنا موسم كارثي آخر.
التعديل الأخير:
