السلام عليكم
هذه فقرة جميلة من كتاب "مختصر منهاج القاصدين"لبن قدامة
يا نفس أما تعلمين أنك صائرة إلى الجنة أو النار؟ فكيف يلهو من لا يدرى إلى أيتهمايصير؟! وربما اختطف فى يومه أو فى غده! أما تعلمين أن كل ما هو آت قريب، وأن الموت يأتى بغتة من غير موعد، ولا يتوقف على سن دون سن، بل كل نفس من الأنفاس يمكنأن يكون فيه الموت فجأة، وإن لم يكن الموت فجأة كان المرض فجأة، ثم يفضي إلى الموت. فمالك لا تستعدين للموت وهو قريب منك؟!
يا نفس، إن كانت جرأتك على معصية الله تعالى لاعتقادك أن الله لا يراك فما أعظم كفرك، وإن كانت مع علمك باطلاعه عليك، فما أشد رقاعتك، وأقل حياءك! ألك طاقة على عذابه؟ جربى ذلك بالقعود ساعة فى الحمام،أو قربي أصبعك من النار.يا نفس !ان كان المانع لك من الاستقامة حب الشهوات فاطلبي الشهوات الباقية الصافية عن الكدر، ورب أكلة منعتأكلات.
وما قولك فى عقل مريض أشار عليه الطبيب بترك الماء ثلاثة أيام ليصح ويتهيأ لشربه طول العمر؟ فما مقتضى العقل فى قضاء حق الشهوة؟ أيصبر ثلاثة أيام ليتنعم إلى الأبد؟أم يقضي شهوته في الحال ثم يلزمه الالم الى الابد ؟فجميع عمرك بالاضافة الى الابد الذي هو مدة نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار أقل من ثلاثة أيام بالإضافة إلى جميع العمر، بل أقل من لحظة بالإضافة إلى عمر الدنيا. وليت شعري! ألم الصبرعن الشهوات أشد وأطول، أم النار فى الدركات؟ فمن لا يطيق الصبر على ألم المجاهدة،كيف يطيق ألم العذاب فى الآخرة؟ أشغلك حب الجاه؟ أما بعد ستين سنه أو نحوها، لاتبقين أنت ولا من كان لك عنده جاه. هلا تركت الدنيا لخسة شركائها، وكثرة عنائهاوخوفاً من سرعة فنائها؟ أتستبدلين بجوار رب العالمين صف النعال فى صحبة الحمقى؟
قد ضاع أكثر البضاعة، وقد بقيت من العمر صبابة، ولو استدركت ندمت على ما ضاع، فكيفإذا أضفت الأخير إلى الأول؟ اعملي فى أيام قصار لأيام طوال، وأعدى الجواب للسؤل.أخرجي من الدنيا خروج الأحرار قبل أن يكون خروج اضطرار إنه من كانت مطيته الليلوالنهار سير به وإن لم يسر. تفكري فى هذه الموعظة، فإن عدمت تأثيرها، فابكي على ما أصبت به فمستقى الدمع من بحر الرحمة.
التعديل الأخير: